الشرق - 3/26/2024 12:01:24 PM - GMT (+3 )
الدوحة - قنا
يقوم التعليم الأكاديمي بدور حاسم في تنمية وتعزيز فن المسرح، ويعد منهجا مهما لتطوير المسرحيين من ممثلين ومخرجين وكُتاب وفنيين وغيرهم.
ومن هذا المنطلق، أكد عدد من الأكاديميين المعنيين بالبرنامج الأكاديمي للفنون المسرحية في كلية المجتمع، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، الذي يوافق السابع والعشرين من مارس كل عام، أهمية هذا البرنامج المتخصص في النهوض بالمسرح القطري.
وقالوا إن التعليم الأكاديمي في مجال المسرح يساهم في تحقيق الفهم العميق لتاريخ المسرح وتطوره عبر العصور والثقافات المختلفة، حيث يتعرف الطلاب على الأعمال المسرحية الكلاسيكية والمعاصرة والمؤلفين المهمين والحركات المسرحية المؤثرة، ما يساعدهم على توسيع آفاقهم الفنية وتطوير رؤية شاملة للمسرح، وينعكس إيجابا على الحركة المسرحية في قطر.
وقالت الدكتورة الجازي فرج العذبة المري عميدة قطاع الآداب والفنون في كلية المجتمع خلال تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: يعد قسم الفنون المسرحية بكلية المجتمع في قطر، الذي تأسس عام 2015، البرنامج الوحيد في الدولة المتخصص في الإعداد المسرحي، ما يمثل قيمة مضافة تسهم في اكتشاف مواهب الطلاب الإبداعية وتنميتها، واعتبرت القسم موردا خصبا يرفد المجتمع القطري بأجيال جديدة من الفنانين والمبدعين الشباب، الذين يتفاعلون ويشاركون بقوة في الأعمال المسرحية والدرامية، مشيرة إلى أن البرنامج يفتح آفاقا جديدة في مجال صناعة المحتويات الرقمية، سواء في مجالات الإعلانات أو التسويق، من خلال أساليب فنية وإبداعية.
وأضافت أن من أهم سمات رؤية قطر الوطنية 2030 هي بناء دولة حديثة مع ضرورة المحافظة على تراثها، وترسيخ قيمها وتقاليدها، وأشارت إلى أن المسرح والفنون بشكل عام يعتبران أدوات أساسية للحفاظ على هذه القيم والعادات والتقاليد، وضمان استمراريتها ونقلها بين الأجيال، فضلا عن غرس روح الانتماء والمواطنة، وحث الشباب على الإبداع والابتكار وتنمية القدرات، كما أن التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية التي ترتكز إليها الرؤية تكتمل بتشجيع هذه الفنون ودعمها مثل تشجيع المتاحف والفنون الدرامية والأدائية والفنون الإبداعية، وكذلك الفنون الرقمية، التي أصبحت حاضرة في نظريات الاقتصاد والإعلام الحديث.
وأكدت الدكتورة الجازي على أن برنامج الفنون المسرحية يسعى للنهوض بالحركة الفنية والثقافية، من خلال تأهيل كوادر قطرية متخصصة في علوم الدراما والمسرح في شقيها النظري والتطبيقي، لافتة إلى أن سوق العمل القطري بقطاعاته المختلفة في حاجة ماسة إلى فنانين ومبدعين، ليس فقط في مجال التمثيل المسرحي بل أيضا في مجالات الدراما والنقد والتصميم والديكور وصناعة المحتوى الفني والإخراج وأكدت أن جميع هذه القطاعات تحتاج إلى تسويق أعمالها وإنجازاتها من خلال محتويات رقمية فنية إبداعية، وأشارت إلى أن صناعة المحتوى الفني بهذا الشكل أصبحت علما وفنا يدرس، بدءا من تصميم الأعمال الفنية إلى ابتكار محتويات فنية راقية تنقل الخبرة والإنجازات القطرية، وتثري المشهد الثقافي في البلاد.
وحول مدى مواكبة برنامج الفنون المسرحية في كلية المجتمع التعليم المسرحي أكاديميا في المعاهد والأكاديميات العربية المتخصصة، أكد الدكتور سعيد الناجي، أستاذ ورئيس قسم الفنون المسرحية بكلية المجتمع، في تصريح مماثل لـ/قنا/، أن البرنامج يقدم عدة مسارات تخصصية، منها مجالات التصميم والديكور، والإخراج والتمثيل المسرحي، والتدبير وإدارة المسرح، وأشار إلى تخرج عدة أفواج في كل هذه المسارات التخصصية، وقد أثرت في المشهد الفني والثقافي بدولة قطر.
وأكد أن تصميم وبناء المقررات في البرنامج يعتمد على أحدث نظريات التعليم والتعلم وطرق التدريس والتقويم، مع التأكيد على ضرورة الربط بين الجانبين العملي والنظري في التدريس، والاهتمام بتنمية أنواع التفكير المختلفة لدى الطلاب مثل التفكير الناقد والتفكير الإبداعي.
وقال إنه تمت مراعاة ضرورة أن تتماشى مقررات البرنامج مع مثيلاتها في مختلف الجامعات والمعاهد المتخصصة لضمان أن يكون خريج البرنامج ذا جودة وتنافسية مع خريجي الجامعات الأخرى، وأن يكون مؤهلا لدخول سوق العمل القطري بكفاءة واقتدار.
وأضاف أنه آن الأوان لكي يواكب برنامج المسرح التحولات التي يشهدها العالم في هذا المجال، فهناك حاجة ملحة إلى الفنون الإبداعية التي تجمع بين فنون الأداء والكتابة والنقد، لتقديم منتجات فنية متعددة الخصائص، كما يتضمن التطور أيضا فنونا إبداعية في مجالات التصميم، والتسويق التجاري والاقتصادي، بالإضافة إلى صناعة المحتويات الرقمية الفنية التي تقدم المنجزات المختلفة للمؤسسات عبر مقاطع فيديو، وأكد أن المسرح يظل حاضرا باعتباره دراما تعكس كل تفاصيل المجتمع وتبادلاته، خاصة أن دولة قطر تشكل نموذجا تستطيع الفنون الإبداعية أن تحقق فيه قفزات تطور حقيقية.
وأوضح أنه بناء على التطور الحاصل في التعليم المسرحي في ظل التطور التكنولوجي وتقنيات الذكاء الاصطناعي، يجب تطوير برنامج المسرح ليصبح شاملا للفنون الأدائية والإبداعية، لافتا إلى أن الفنون الأدائية أصبحت حاضرة في المجتمعات الحديثة، سواء باعتبارها فنونا للمرح والمتعة (المسرح والسينما)، أم فنونا للعلاج (العلاج بالتمثيل)، أم فنونا للتربية (مسرح الطفل)، أم فنونا للتسويق (تسويق المنتج عبر الفن)، والفنون الإبداعية تمزج فنون الأداء بالوسائط الرقمية وصناعة المحتوى الرقمي لهذا أعتقد أن الانفتاح على الفنون الإبداعية هو حاجة ملحة لدول مثل قطر التي تستثمر بشكل كبير في الإعلام والمتاحف والحدائق الذكية وتصميم المدن الذكية ومنصات التبادل، وغيرها من الوسائط الفنية.
وحول الإضافة التي حققها البرنامج وانعكاسها على الحركة المسرحية القطرية، قال رئيس قسم الفنون المسرحية: إن هناك عددا من الخريجين اندمجوا في الفرق المسرحية في قطر، بينما فضل خريجون آخرون تأسيس شركات إنتاج فني خاصة بهم، وأشار إلى أن أغلب مشاريع المسرح التي تطلقها وزارة الثقافة يحضر فيها خريجو قسم المسرح، مما جعل البرنامج يحقق أثرا كبيرا حتى في كلية المجتمع، التي أصبحت تحتضن فعاليات مسرحية مثل مسرحيات تخرج الطلاب والاحتفال باليوم العالمي للمسرح، بالإضافة إلى ورش العمل في مجالات الديكور والتصميم وصناعة الأقنعة.
وأكد أن الإضافة التي شكلها البرنامج تحتاج إلى الاستمرارية، وأن ذلك لا يمكن تحقيقه إلا بانخراط ودعم كل الجهات والمؤسسات المسؤولة عن الفنون في هذا المشروع.
من جهته، قال الدكتور مرزوق بشير بن مرزوق أستاذ نظريات الدراما وعضو مؤسس للبرنامج الأكاديمي للفنون المسرحية في كلية المجتمع، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن دولة قطر أظهرت اهتماما مبكرا بالدور الأكاديمي في تطوير الفنون المختلفة، وبضرورة صقل المواهب الفنية من خلال التعليم والتعلم والدراسة الأكاديمية.
وأوضح أنه منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي سعت قطر إلى إيفاد الطلاب لدراسة الفنون في مجالات المسرح والسينما والتشكيل في دول عربية، واستمر الأمر بعد ذلك بإيفاد الطلبة إلى المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت، ليعود أولئك المبتعثون ليرفدوا الحركة الفنية في قطر، مما عزز مكانتها الفنية في المنطقة، خصوصا في مجال الفنون الدرامية، وأصبحت تنافس الدول الأخرى في هذا المجال.
وأضاف أنه بعد توقف الابتعاث إلى الخارج، خصوصا في مجال الفنون الدرامية والمسرح، جاءت فكرة مشروع إنشاء برنامج في الدراما سنة 2015 بالشراكة بين وزارة الثقافة وكلية المجتمع، التي وفرت البيئة المناسبة للبرنامج، حيث قامت اللجنة المؤسسة لبرنامج المسرح أيضا بوضع منهج للمسرح لمدارس وزارة التربية والتعليم بهدف جعل مادة الدراما مادة علمية، تؤهل الراغبين بعد ذلك لمواصلة دراستهم بكلية المجتمع، وإضافة إلى مقررات التخصص المسرحي، تولى قسم المسرح تدريس مقررات الدراما الاختيارية لجميع طلبة وطالبات الكلية بهدف رفع الذائقة المسرحية لدى الشباب.
وأكد الدكتور مرزوق بشير على أن كلية المجتمع استطاعت أن تتجاوز الكثير من التحديات التي واجهت قسم الفنون المسرحية وأنجحت التجربة، لافتا إلى أن من أهم هذه التحديات، كان عدم توفر البنية المناسبة للمسرح من خشبة مسرحية وقاعات للتدريب، إلا أن بعض القاعات تم تجهيزها لهذا الغرض، وتوفرت مساحة في مسرح قطر الوطني من قبل وزارة الثقافة لتقديم مشاريع تخرج الطلاب.
وأشار إلى أن البرنامج المسرحي يواجه الآن تحديات في تحويله إلى برنامج بكالوريوس، ويحتاج إلى دعم جهات لمواصلة دوره والحفاظ على استمراريته، وتقوم إدارة الكلية حاليا بتسيير البرنامج ودراسة التحديات التي تواجهه، وطرح البدائل المناسبة لمواصلة مسيرته.
الجدير بالذكر أن الهيئة العالمية للمسرح تحتفل يوم السابع والعشرين من كل عام بيوم المسرح العالمي، وقد اختارت هذا العام الكاتب النرويجي جون فوس، الحائز على نوبل في الآداب العام الماضي، لكتابة رسالة يوم المسرح العالمي لهذا العام، والتي دارت حول الفن والسلام.
وأطلقت الهيئة العالمية للمسرح يوم المسرح العالمي ليتم الاحتفال به لأول مرة في 27 مارس 1962، وهو تاريخ إطلاق موسم "مسرح الأمم" في باريس، ومنذ ذلك الحين وفي هذا التاريخ من كل عام، يتم الاحتفال باليوم العالمي للمسرح على نطاق عالمي.
وقد دأبت الحركة المسرحية في قطر على الاحتفال بهذه المناسبة منذ ثمانينيات القرن الماضي، مشاركة لمسارح العالم في هذا اليوم.
مساحة إعلانية
إقرأ المزيد