وكيل وزارة الثقافة العُماني سعيد البوسعيدي لـ الشرق: حضور السيد ذي يزن بن هيثم الافتتاح يؤكد أهمية مشاركة السلطنة
الشرق -
ثقافة وفنون

0

14 مايو 2024 , 07:00ص

❖ حاورته: هاجر بوغانمي

أكد سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة في سلطنة عمان أن التعاون في المجال الثقافي بين البلدين الشقيقين يقوم على أسس راسخة أبرزها التوجيهات السديدة للقادة حفظهم الله، وقال في حوار خاص مع "الشرق" إن حضور صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب العماني في مراسم حفل افتتاح معرض الدوحة الدولي للكتاب يؤكد أهمية مشاركة السلطنة كضيف شرف الدورة الثالثة والثلاثين، ناهيك عن حجم المشاركة الرسمية والأهلية، وتنوع البرنامج الثقافي الذي روعي فيه الشراكة بين المبدع العُماني والقطري، مشيرا الى أن جميع هذه المقومات تلبي الطموح المأمول، وترقى بالمشاركة إلى المكانة التي تليق بمعرض الدوحة للكتاب، وأشاد سعادته بالمستوى التنظيمي والجمالي المبهر الذي ظهر به معرض الدوحة في دورته الحالية، لافتا الى أن الدعم في مجالات متعددة مثل صناعة الكتاب والفنون وتعزيز التعاون بين المؤسسات الثقافية أبرز ما نصّت عليه مذكرة التعاون التي تم توقيعها على هامش معرض الدوحة الدولي للكتاب، لافتا الى أن هناك أطرا واضحة لتفعيل اتفاقيات التعاون بين البلدين، وقال إن الاستراتيجية الثقافية لدول مجلس التعاون هي المرجعية الرئيسية المنظمة للعمل الثقافي بين دول الخليج العربية. كما تناول الحوار عددا من المواضيع الأخرى التي لها علاقة بمقومات النهضة الثقافية في سلطنة عمان.. فإلى نص الحوار.

اقرأ أيضاً

- كيف تقيّمون معرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الثالثة والثلاثين، وما هي قراءتكم لشعار المعرض "بالمعرفة تبنى الحضارات"؟

 نحن ننظر إلى معرض الدوحة الدولي للكتاب باعتباره حدثا ثقافيا وحضاريا بارزا، وهو أحد أعرق المعارض في المنطقة، لاسيما وهو يبلغ دورته الثالثة والثلاثين هذا العام. وإنه لمن بواعث الفخر أن نشاهد هذا التطور المستمر للمعرض عاما بعد آخر، حتى بات أحد أهم المعارض عربيا وعالميا، ويحظى بهذه المكانة المرموقة التي تحققت من خلال رصيده المتراكم الذي تشكل عبر السنين.

وإننا نعرب عن إعجابنا الكبير بهذا المعرض، ونشيد بالجهود الجبارة المبذولة في تنظيمه وإخراجه بهذا المستوى المشرف، الذي هو ليس بغريب على دولة قطر. وقد أحسن المنظمون اختيار الشعار الذي يحمله المعرض هذا العام، فهو يعبر عن حقيقة حضارية وثقافية ومعرفية أثبتتها تجارب التاريخ، ومن شأنه أن يلفت المتابع إلى مسألة جوهرية في مسيرة الحياة الإنسانية وفلسفة قيام الحضارات وبناء الأوطان.

     تطور ملحوظ

- ما الجوانب التي استوقفتكم في الدورة الجديدة من معرض الدوحة للكتاب، وماذا تعكس هذه الجوانب في نظركم؟

 يشهد معرض الدوحة الدولي للكتاب تطوراً ملحوظاً من عام الى آخر، وهذا دون شك يعكس رؤية القائمين عليه في تطوير المعرض ليواكب التقدم المستمر في الفكر والمعرفة و صناعة النشر والتوزيع، وتستوقف الزائر للمعرض عدة جوانب، لعل أبرزها دقة التنظيم، وسعة المكان، وانسيابية الحركة، واللمسات الفنية والجمالية التي حرص المنظمون على إضافتها، إلى جانب العدد الكبير من الدول وعدد دور النشر المشاركة، بالإضافة إلى المناشط الثقافية والفنية التي تلبي ميول كل الفئات الاجتماعية وتشكل عنصر جذب للزوار، الأمر الذي يجعل من زيارة معرض الكتاب متعة خاصة للمرتادين، وكذلك ركن الطفل بتفاصيلة المهمة، وسوق الأزبكية الذي لاشك أنه يعكس مدى الاهتمام بأسواق الكتاب حول العالم وأهميتها.

    حقائق واضحة

- تُعرف معارض الكتاب بأنها وسيلة لإنتاج المعرفة وتآلف الرؤى حولها. كيف برأيكم عكس معرض الدوحة الدولي للكتاب هذه المعادلة؟

 تعد معارض الكتب حدثاً ثقافياً ومعرفيا وتنمويا، وهي تسهم في الارتقاء بالوعي وتعزيز قيم القراءة بين أفراد المجتمع. كما أنها تعد ميدانا خصبا لدعم صناعة النشر، وتوفر مظلة فسيحة للالتقاء بين الناشرين والكتاب والأدباء والقراء على حد سواء، لذلك فهي أسواق معرفية بامتياز، وأكد معرض الدوحة الدولي للكتاب نجاحه وتميزه في هذا المسعى، وليس أدل على ذلك من هذا العدد الكبير من دور النشر التي تسعى للمشاركة فيه، من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى هذه الكوكبة من الكتاب والأدباء والفنانين والمبدعين والإعلاميين الذين يتوافدون عليه مشاركين وزائرين. إن هذه حقائق واضحة للعيان لمسناها على أرض الواقع أثناء تجوالنا في هذا المعرض العريق.

    ضيف شرف مميّز

- تحلّ سلطنة عمان ضيف شرف مميز على الدورة الثالثة والثلاثين للمعرض. ما هي حقول الثقافة والمعرفة التي حرصتم على إبرازها في هذه المشاركة، وما الأدوات التي توسلتم بها لترجمة هذا الحضور المبهر للسلطنة؟

 نحن نعبّر عن سعادتنا الكبيرة بالمشاركة كضيف شرف في معرض الدوحة الدولي للكتاب، وهذا يمثل لنا فرصة طيبة لتعزيز التبادل الثقافي بين البلدين الشقيقين وتقديم جوانب من منجزنا الإبداعي والفكري للإنسان القطري ومرتادي معرض الدوحة. وقد كانت رؤيتنا منذ البداية أن تكون هذه المشاركة في المستوى المأمول الذي يلبي الطموح ويرقى إلى المكانة اللائقة بمعرض الدوحة.

وتأكيدا على هذه الأهمية جاءت مشاركة صاحب السمو ذي يزن بن هيثم آل سعيد، وزير الثقافة والرياضة والشباب، في مراسم حفل الافتتاح. كما يتجلى ذلك في حجم المشاركة الرسمية والأهلية، حيث تشارك إلى جانب وزارة الثقافة والرياضة والشباب، كل من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ووزارة الإعلام ووزارة التراث والسياحة وجامعة السلطان قابوس. والزائر لجناح سلطنة عمان في المعرض سيلمس الثراء والتنوع في محتويات الجناح من مخطوطات نادرة وكنوز معرفية تعكس جانبا من التاريخ الحضاري والثقافي لسلطنة عمان، والتعريف بالمقومات السياحية والحضارية التي تتميز بها سلطنة عمان، وركن خاص بالمصادر الفكرية العمانية، بالإضافة الى تجسيد بعض الشخصيات التاريخية المسجلة ضمن الشخصيات المؤثرة عالميا باليونسكو مثل الملاح العماني احمد بن ماجد، وعالم اللغة الخليل بن أحمد الفراهيدي، والطبيب والصيدلاني راشد بن عميرة الرستاقي وغيرها من الشخصيات.وفي المجال الفني هناك معرض تصوير ضوئي حمل عنوان (أرض اللبان) اشتمل على مجموعة من الصور التي تحكي عن الطبيعة العمانية المتفردة بالإضافة الى تقديم عروض فنية شعبية عُمانية، كما قدمت فرقة الأوركسترا السيمفونية العمانية ليلتين عمانيتين في سماء الدوحة احتفاءً بهذه المشاركة.

كما أعددنا برنامجا ثقافيا منوعا راعينا فيه الشراكة بين المبدع العماني والقطري وتسليط الضوء على عمق هذه الأواصر والعلاقات الثقافية بين البلدين، و راعينا وجود العنصر الفني الذي يجسد جانبا من الإرث العماني الأصيل ويسهم في خلق جو من المتعة والبهجة لدى مرتادي المعرض.

    تعزيز العلاقات

- برأيكم، ماذا يعكس اختيار سلطنة عمان ضيف شرف معرض الدوحة الدولي للكتاب الثالث والثلاثين؟

 في نظرنا نرى أن ذلك يأتي ترجمة لعمق العلاقات القائمة بين البلدين، ويمثل تجسيدا لتوجه القيادتين في البلدين نحو تعزيز هذه العلاقات وتطويرها على مختلف الأصعدة والمجالات، ومن بينها المجال الثقافي الذي توليه القيادتان اهتماما كبيرا. ونحن نرى أن معارض الكتاب تمثل المنطلق الأكبر لتحقيق ذلك وترجمته وبلورته في صورة عملية واقعية تحقق التطلعات وتقوي وشائج الإخاء والمودة، وهنا يأتي الدور المحوري للثقافة والفنون.

- انبثق عن زيارتكم للدوحة توقيع اتفاقية شراكة بين وزارتي الثقافة القطرية والعمانية. فماهي تفاصيل هذه الاتفاقية، وكيف ستعملون على تحقيق بنودها على أرض الواقع؟

 الشراكة بين سلطة عمان ودولة قطر قائمة وراسخة، وتمتد إلى سنوات طويلة. لكن هذه الاتفاقيات تأتي لتضع أطرا واضحة لتفعيلها، لاسيما الأمور ذات الاهتمام المشترك والتي تحظى بالأولوية لدى الجانبين. ومن هنا نصّت مذكرة التفاهم التي وقعناها مؤخرا على تبادل الدعم في مجالات متعددة مثل صناعة الكتاب والنشر والتأليف والترجمة والرقمية، ومعارض الكتاب، والفنون المختلفة مثل الموسيقى والمسرح، بالإضافة إلى المكتبات والأرشفة، وحماية وتثمين الموروث الثقافي غير المادي والتعاون في هذا المجال، وتعزيز التعاون بين المؤسسات الثقافية، إلى جانب تبادل تنظيم الأحداث والفعاليات الثقافية، وتبادل الخبرات، وتنظيم دورات متخصصة مشتركة، ولا شك أن موضع تنفيذ ما تم الاتفاق عليه واضح من خلال ما سينجز في المرحلة المقبلة بعون الله.

    أطر للتعاون

- ما هي الأطر الأساسية التي تنبني عليها منظومة التعاون الثقافي بين قطر وسلطنة عمان، ومدى ارتكاز أركان هذه المنظومة على الإرث الحضاري للبلدين الشقيقين؟

 يقوم التعاون في المجال الثقافي بين البلدين على أسس راسخة، لعل أبرزها العلاقات الطيبة بين البلدين الشقيقين وتوجيهات القادة - حفظهم الله - في هذا الأمر واضحة لتعزيز هذه الشراكة، وهو ما ينتج عنه التعاون الخلاق في مختلف المجالات من بينها الثقافة، كما أن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بحد سواء والاتفاقيات الثنائية أو المرتبطة بالاتفاقيات ضمن إطار مجلس التعاون لدول الخليجية العربية، وتشكل الاستراتيجية الثقافية لدول مجلس التعاون (2020 ـ 2030م)، المرجعية الرئيسية المنظمة للعمل الثقافي بين دول الخليج العربية، ومن بينها سلطنة عمان ودولة قطر. وهناك لجنة ثقافية مشتركة مكلفة بوضع الخطط السنوية للفعاليات والأنشطة الثقافية المشتركة، وهي تضطلع بوضع الآليات المناسبة لتنفيذ هذه الخطط وتطويرها.

    عمق حضاري

- برأيكم هل المنظومة الثقافية العربية بشكل عام، والعُمانية تخصيصا بمقدورها أن تلبي احتياجات الحداثة وما تحمله من رهانات، وهل تؤيدون مفهوم الحداثة بمعاييرها المختلفة وتأثيرها على المثقف والمبدع العماني؟

 الحداثة مصطلح واسع وتعدد تعريفاته بتعدد مضامينه ومنطلقاته. ولا أظن أن هناك رؤية عربية موحدة في التعاطي مع الحداثة، وإنما هناك اجتهادات ومقاربات لدى كل دولة على حدة، ونحن في سلطنة عمان منفتحون على العالم والأفكار، ونتعاطى معها بكل ثقة ووعي، مدركين عمقنا الحضاري وإرثنا التاريخي، وخصوصيتنا الثقافية، متمسكين بهويتنا العمانية الأصيلة، في الوقت الذي نسعى فيه للتجديد ومواكبة التحولات المعرفية والتكنولوجية وما تفرزه من تحديات كبيرة أمام الهويات التي باتت مهددة بالانقراض.

على المستوى الإداري للدولة، منذ عهد النهضة المباركة بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه - وما زالت سلطنة عمان تخطو نحو التجديد والتطوير على مختلف الأصعدة، وفقا لمقتضيات الواقع وضروراته. أما على مستوى الإبداع الثقافي فلعمان أعمال وتطلعات تتوافق وآمال المثقف العماني في مجالات الفكر والشعر والفن التشكيلي والتصوير الضوئي وغيرها.

    إستراتيجية ثقافية

- لعلّ تقييم مدى انتشار الثقافة عند الشعوب يتأتى من عدد دور النشر ورصد زيادة عدد المكتبات وتداول الكتب وتوزيعها في السوق، فكيف تجلى ذلك في سلطنة عمان، وماهي جهود وزارة الثقافة والرياضة والشباب لتحقيق انتشار الثقافة والمعرفة على أوسع نطاق؟

 يأتي نشر الثقافة والتعريف بالمنجز الثقافي العماني كركيزة أساسية للاستراتيجية الثقافية في سلطنة عمان، وتولي عناية خاصة لصناعة النشر ودعمها إذ تتبنى وزارة الثقافة والرياضة والشباب برنامجا خاصا لهذا الشأن، وتخصص موازنة خاصة لاقتناء الكتب العمانية، كما تعمل على تسهيل مشاركة دور النشر والمكتبات العمانية في معرض مسقط الدولي للكتاب، بالإضافة إلى دعمها للمشاركة في المعارض الخارجية، وهناك دائرة مختصة بشؤون المكتبات والمراكز الثقافية الأهلية، وتعمل على تنظيم المهرجانات والملتقيات الثقافية والفنية في هذا الشأن، كما تدعم الوزارة حضور الكاتب والمفكر والأديب العماني للمشاركة في الفعاليات والمهرجانات المختلفة على مستوى العالم، وذلك من أجل التعريف بأدبائنا وإيصال صوتهم، ودعمهم للوصول إلى هذه المحافل الدولية.

    برنامج ثقافي منوع

تقدم سلطنة عمان في معرض الدوحة الدولي للكتاب برنامجا حافلا وثريا حيث يتعرف الزائر على ملامح من العلاقات الثقافية بين سلطنة عُمان ودولة قطر، ويستأنس تحت ظلال الشعر بشقيه الفصيح والشعبي "تنوع وعراقة"، ويصخي السمع الى الباحثين والكتاب والمختصين وهم يدلون بدلوهم في بعض القضايا والمسائل الجوهرية مثل موضوع: "العُمانيون وجوائز الإبداع القطرية" و"الاستثمار بين سلطنة عُمان ودولة قطر: المجالات والإمكانات وسبل تعزيزها"، و "عُمان والبحر: ثنائية الحضارة والإبداع"، الى جانب جلسة نقاشية قطرية عمانية بعنوان "الهوية الخليجية المشتركة الواقع والتحديات". ويشهد البرنامج الثقافي لضيف الشرف شهادات إبداعية بعنوان "تجارب في الرواية العُمانية" وحلقات عملية في مجال الفنون للأطفال تُقام في دوحة الأطفال، وورشة فنية لرسم المفردات البحرية العُمانية، وفقرة بعنوان "حكايا من التراث الشعبي البحري العُماني".  وللموسيقى حضورها حيث تشارك الأوركسترا السيمفونية السلطانية العُمانية بمقطوعات موسيقية محلية وعالمية، وتصاحب جناح سلطنة عُمان في معرض الدوحة الدولي للكتاب معارض فنية متنوعة أهمها معرض للترويج السياحي حيث يتعرف الجمهور على المقومات السياحية والثقافية والتاريخية لسلطنة عُمان، ومعرض لستة مخطوطات عُمانية نادرة، ومعرض للتصوير الضوئي، إضافة إلى عروض مرئية متنوعة للمؤسسات الحكومية المشاركة، وعروض لمجموعة من العناصر الثقافية المسجلة في القائمة العالمية للتراث الثقافي غير المادي.

أخبار ذات صلة

مساحة إعلانية



إقرأ المزيد