جدل في المغرب بين المدافعين عن روح الوطنية وحرية التعبير
إيلاف -

إيلاف من الرباط: أثارت دعوات لمقاطعة مباراة المنتخب المغربي لكرة القدم، التي أطلقتها حركة "جيل Z"، وهي تيار شبابي غير منظَّم يعتمد على شبكات التواصل الاجتماعي في التنسيق، جدلاً سياسياً واجتماعياً واسعاً بين المغاربة. إذ في الوقت الذي يرى فيه البعض أن دعم المنتخب الوطني في مواجهته المقررة الثلاثاء أمام منتخب الكونغو واجب وطني يجسد روح الانتماء، يعتبر آخرون أن المقاطعة شكل من أشكال الاحتجاج السلمي للتعبير عن قضايا أعمق تتجاوز المستطيل الأخضر، في بلدٍ تُعد فيه كرة القدم جزءاً من صورته الحديثة وصعوده القاري.

وكشفت هذه الدعوات عن انقسام المغاربة بين فئة كبيرة من المعجبين بإنجازات "أسود الأطلس"، وأخرى ترى في مقاطعة هذه المباراة طريقا للضغط على الحكومة.

في سياق ذلك، برزت أصوات تدعو إلى مقاطعة رمزية للمباراة، واصفةً الخطوة بأنها "رسالة احتجاج حضارية" تُذكّر الحكومة بالأولويات الوطنية وبحقوق الشباب.

وجاءت الدعوة، التي انتشرت على نطاق واسع عبر شبكات التواصل، تحت شعار "قلوبنا مع الأسود، لكن ضميرنا مع الحقوق".

وشدّد القائمون على هذه الحملة على أن المقاطعة لا تستهدف المنتخب الوطني ولا تقلل من قيمة إنجازاته، بل تعبّر عن رفض اختزال الوعي الشعبي في فرجة الملاعب، في وقت يطالب فيه جزء من الشارع المغربي بإصلاحات اجتماعية واقتصادية عميقة، في مقدمتها التعليم والصحة والعدالة الاجتماعية.

في المقابل، برزت مواقف تدعو إلى فصل السياسة عن الرياضة وجعل اللحظة الرياضية الراهنة عنوانا للوحدة الوطنية لا ساحة للانقسام. إذ كتب المؤثر الشاب سامي إيزم "أنا مع إخوتي بخصوص إصلاح التعليم والصحة، لكن ليس على حساب وطني". وأضاف "بلدنا مقبل على تنظيم كأس إفريقيا للأمم، وهذه فرصة ذهبية لتنمية الاقتصاد الوطني، حيث خلال البطولة القارية ستنتعش السياحة، وترتفع ليالي المبيت في الفنادق، وتمتلئ المطاعم وتنشط خدمات النقل والسياحة، وكل ذلك سيدر أرباحا بالعملة الصعبة على خزينة الدولة".
وقال آخر "بلادي محسودة، ولن تسقط ما دام فيها رجالها ونساؤها المخلصون".

ورغم تزامن دعوات المقاطعة مع انطلاق عملية التسجيل للحصول على بطاقات حضور مقابلات كأس إفريقيا، كشفت الأرقام عن إقبال غير مسبوق على المنصة الرقمية "YALLA"، إذ تجاوز عدد الطلبات مليوني تسجيل في ظرف ساعات، وتم تفعيل أكثر من 100 ألف حساب ومنح أكثر من 60 ألف بطاقة مشجع في أقل من 24 ساعة، وهو رقم قياسي في تاريخ المنافسة القارية.

ويرى الكاتب والصحفي الإماراتي سالم الكتبي أن المغرب يتعرض لمحاولات للمس باستقراره من أطراف خارجية، خصوصا من الجارة الجزائر، التي تسعى إلى عرقلة ترتيبات العرس الإفريقي وبث رسائل سلبية عن الاستقرار المغربي، في وقت تواصل فيه المملكة بناء ملاعب وبنيات تحتية من الطراز العالمي استعدادا لـ "كأس إفريقيا 2025" و"كأس العالم 2030".

ويظهر "الغضب الجزائري" من هذا التطور في بعض وسائل الإعلام الجزائرية، التي لا تخفي رغبتها في سحب تنظيم البطولة من المغرب.

لكن رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم باتريس موتسيبي، ردّ من كينشاسا على سؤال أحد الصحفيين حول إمكانية سحب التنظيم من المغرب، وقال "المغرب هو الخطة A، والخطة B، والخطة C"، في إشارة إلى الثقة التامة التي تضعها "الكاف" في القدرات التنظيمية للمملكة.



إقرأ المزيد