إيلاف - 5/14/2025 7:09:28 PM - GMT (+3 )

إيلاف من الرباط: فتح عبد اللطيف وهبي، وزير العدل المغربي، من خلال إقناع البرلمان بالمصادقة على مشروع قانون المسطرة الجنائية، الباب أمام تحول تشريعي عميق في السياسة الجنائية، يراعي المستجدات المجتمعية والالتزامات الدستورية والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية.
ففي ساعة متأخرة من الليلة الماضية (الثلاثاء)، صادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، بالأغلبية، على مشروع قانون المسطرة الجنائية، بعد مداولات دامت حوالي 11 ساعة، شهدت نقاشاً مستفيضاً حول أبرز التعديلات المقترحة، بحضور وزير العدل.
وحظي المشروع بموافقة 18 نائباً ، مقابل معارضة 7 نواب، دون تسجيل أي امتناع عن التصويت. وهي مصادقة، اعتبرها وزير العدل "تعكس حرص المؤسسة التشريعية على مواكبة التطورات القانونية وتحقيق التوازن بين فعالية العدالة وضمان الحريات الفردية".
وسجّل المشروع رقماً غير مسبوق في عدد التعديلات المقدمة، حيث بلغ مجموعها 1384 تعديلاً، تقدمت بها الفرق النيابية بمختلف أطيافها أغلبية ومعارضة.
وتصدر البرلمانيون المحسوبون عن المعارضة لائحة التعديلات، إذ تقدمت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بـ435 مقترح تعديل، تلاها الفريق الاشتراكي ( معارضة برلمانية) بـ308، ثم فريق التقدم والاشتراكية( معارضة برلمانية) بـ167، والفريق الحركي بـ186. فيما تقدمت فرق الأغلبية المساندة للحكومة، بـ155 تعديلاً.
وحظيت المادتان 3 و7 الوارداتان في مشروع قانون المسطرة الجنائية بحيز كبير في النقاش، بسبب ما تتضمن من مقتضيات تهم دور جمعيات المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد، في خطوة اعتبرها البرلمانيون تطوراً في انفتاح التشريع الجنائي على آليات الرقابة المدنية. كما برزت مواد أخرى أثارت جدلاً، مثل تلك المتعلقة بـ"الامتياز القضائي للبرلمانيين"، و"الحراسة النظرية" كإجراء استثنائي، إلى جانب "التنصيص على ضرورة حضور مترجم محلف"، في إطار الإنابات القضائية الدولية التي تُجرى بغير اللغة العربية.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال وزير العدل إن الجلسة شهدت نقاشاً معمقاً، خاصة حول المواد 3 و7 و20، مؤكداً أن الحكومة وافقت على أكثر من 200 تعديل، وهو ما وصفه بـ"ثمرة تفاعل إيجابي رغم تباين وجهات النظر".
وأضاف وهبي أن التوافق حول الصيغة النهائية للنص سيمكّن من إحالته قريباً على مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) لمواصلة مسار المصادقة، مشيراً إلى أن مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية ستنطلق في غضون الأسبوعين المقبلين.
من جهته، وصف رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات ، سعيد بعزيز، عدد التعديلات المقدمة بشأن المشروع بأنها سابقة تشريعية، تعكس "الأهمية القصوى لهذا النص الذي يُعد أساس المحاكمة العادلة وضمان الإجراءات الجنائية المنصفة". وقال إن المشروع "يخلق توازناً بين حق الدولة في العقاب من جهة، وحماية حقوق الأفراد وحرياتهم من جهة أخرى".
وأشار رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان إلى أن عدداً من التعديلات لقي تجاوباً جزئياً من الحكومة، فيما تم التوافق على صيغ بديلة داخل اللجنة، بينما رفضت مقترحات أخرى بعد نقاش مستفيض.
ويُرتقب أن تُشكل المصادقة على مشروع قانون المسطرة الجنائية مقدّمة لتحول نوعي في آليات العدالة الجنائية، بما يعزز الشفافية، ويُقيد الإجراءات الاستثنائية، ويوطد ثقة المواطن بالمؤسسة القضائية.
إقرأ المزيد