نديم قطيش: هجوم الدوحة وغزة يفتح أزمة ثقة عربية أميركية
سكاي نيوز عربية -

فقد أكدت وزارة الخارجية القطرية أن القمة العربية الإسلامية المرتقبة في الدوحة رفضها الإرهاب الذي تمارسه إسرائيل وتعكس التضامن العربي والإسلامي مع دولة قطر.

وفي الوقت نفسه، ظل ملف غزة مركزًا للانشغال الدولي، متشابكًا مع ملفات لبنان وسوريا وإيران، ما يضع واشنطن تحت المجهر العربي بعد تصعيد غير مسبوق.

هجوم الدوحة يسيطر على مباحثات واشنطن

قال المدير العام لـ"سكاي نيوز عربية" نديم قطيش، خلال حديثه إلى غرفة الأخبار، الذي التقى عددًا من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين، بمن فيهم المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف والمبعوث إلى سوريا ولبنان توم باراك، إن الغارة الإسرائيلية التي وقعت قبل ساعتين من انطلاق فعالية في واشنطن هيمنت على كل المباحثات خلال 48 ساعة.

وأوضح قطيش: "هناك صدمة واستنكار عربي كبير، وظهرت كلمات عالية النبرة من قطر والإمارات في مجلس الأمن، مع إدانة الضربة بشكل لا لبس فيه".

وأضاف أن وزير الخارجية الأميركي أوضح أن الضربة لن تؤثر على العلاقة الأميركية الإسرائيلية، لكن البيت الأبيض عبر عن استياء واضح من التوقيت وطبيعة التنفيذ.

وأشار قطيش إلى أن المسؤولين الأميركيين أقروا بأن الضربة لم تكن حكيمة، وأن الجانب الإسرائيلي نفسه يعرف "قواعد العلاقة بين واشنطن وإسرائيل"، مؤكدًا أن تنفيذ مثل هذه الضربة في دولة ليست عدوًا ولديها قاعدة أميركية كبرى دون علم واشنطن "يشعل أسئلة تؤجج عدم الثقة بين دول الخليج وأميركا".

انهيار الدور القطري وغياب الوساطة العربية

بحسب قطيش، كانت قطر تلعب دورًا وسيطًا يتيح لها التواصل مع كافة الأطراف: حماس، خصوم حماس، أميركا، إسرائيل، وخصومها، وهو دور ساهم في استقرار نسبي للمنطقة.

لكن الضربة الإسرائيلية أدت إلى "انهيار المنظومة العسكرية والأمنية التقليدية"، ووضعت الدور القطري في "الثلاجة"، وفق تعبيره.

وأكد أن أزمة الثقة التي سببها الهجوم تطرح سؤالًا جوهريًا: من سيكون الوسيط العربي المقبل؟

وأضاف: "كيف يمكن لقطر بعد هذا الاعتداء أن تجلس مع إسرائيل لمتابعة ملفات غزة والرهائن؟"، مشيرًا إلى تصريح الشيخ محمد بن عبد الرحمن بأن الضربة "أطلقت النار على رأس الوساطة".

الأزمة الفلسطينية: تصعيد أم واقع جديد؟

وصف قطيش الوضع الحالي بـ"المهمّة الشاقة للعرب"، وقال: "المعركة الآن لا تتعلق بالدفاع عن مشروع الدولتين فحسب، بل بإعادة إحياء فكرته نفسها".

وأوضح أن أي محاولة لقطع العلاقات مع إسرائيل أو أميركا لن تخدم الفلسطينيين، فحتى لو ألغت أبوظبي الاتفاق الإبراهيمي، أو خرجت مصر والأردن من عمليات السلام، "لن يتحقق شيء للإنسان الفلسطيني".

وأشار إلى وجود شبكتين للتعامل مع القضية الفلسطينية في واشنطن: الأولى بقيادة ستيف ويتكوف، تعتمد على الأمن والاقتصاد مع استبعاد السياسة، والثانية تقودها السعودية وفرنسا، وتعتمد على القانون الدولي وحل الدولتين.

وأضاف قطيش: "الحل سيكون بالتجسير بين الفكرتين، إذ الذهاب فقط باتجاه الحل الاقتصادي والأمني من دون أي أفق سياسي هو وصفة لإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية بالكامل".

توتر العلاقة الأميركية الإسرائيلية بعد غزة وقطر

أوضح قطيش أن الضربة في قطر كانت مؤشرًا إضافيًا على توتر في العلاقة الإسرائيلية الأميركية.

وأكد أن 15 بالمئة فقط من القاعدة الديمقراطية تعتبر نفسها "مؤيدة لإسرائيل"، فيما تعبر قاعدة الجمهوريين الترامبية عن انقسامات حول العلاقة مع تل أبيب.

وأضاف: "الأفعال الإسرائيلية أضرت بمصالح أميركا في الشرق الأوسط، من استثمارات مستقبلية في الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، إلى فقدان شريك استراتيجي للاستقرار والأمن".

وأشار إلى أن زيارة روبيو لتل أبيب جاءت في لحظة توتر، وأن العلاقة الأميركية الإسرائيلية تمر "بامتحان حرج"، يتطلب موازنة دقيقة بين مصالح واشنطن في الشرق الأوسط ومصالحها مع تل أبيب، خصوصًا في ظل الاحتدام الحالي في غزة وتداعياته على المنطقة.

غياب الرؤية الاستراتيجية الأميركية في المنطقة

وبشأن أولويات السياسة الأميركية في لبنان وسوريا وإيران، قال قطيش: "الوضوح عملة نادرة في واشنطن، ولا توجد رؤية استراتيجية شاملة للشرق الأوسط".

وأضاف أن الحلول المقدمة غالبًا مؤقتة، سواء اقتصادية أو أمنية، لكنها لا تقدم أي أفق سياسي لمعالجة الأزمات.

وخلص إلى أن غياب الأفق السياسي هو المشكلة الحقيقية بين واشنطن والمنطقة، خصوصًا فيما يتعلق بالملفات الفلسطينية والاستقرار الإقليمي.

نحو مرحلة حساسة للعرب وواشنطن

تبقى المنطقة أمام تحديات مزدوجة: معالجة الأزمة الفلسطينية وإعادة إحياء فكرة حل الدولتين، مع الحفاظ على توازن العلاقات مع القوى الكبرى، ولا سيما الولايات المتحدة.

وتوضح تصريحات نديم قطيش أن الضربة الإسرائيلية في الدوحة أطلقت أزمة ثقة عميقة بين العرب وواشنطن، ما يجعل كل خطوة مستقبلية محفوفة بالتحديات.

في هذا السياق، يبقى الإعلام والتحليل السياسي أدوات محورية لفهم ما يجري، ورسم خرائط الحلول الممكنة وسط أزمات متشابكة قد تعيد تشكيل خريطة المنطقة للأعوام المقبلة.



إقرأ المزيد