«الخط الأصفر» .. يعمّق معاناة الغزيين
الشرق -
[unable to retrieve full-text content]

كأن الفلسطينيين لا يكفيهم «الخط الأخضر» الذي حددته منظمة الأمم المتحدة بعد هدنة العام 1949، التي أعقبت الحرب العربية الإسرائيلية المعروفة بحرب الـ48، ومنذ ذلك الحين ما زال يفصل بين الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل، وطغى هذا المصطلح على مجمل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، التي انطلقت من مؤتمر مدريد للسلام 1991 وتوقفت منذ العام 2014.
هذا عن الخط الأخضر، فماذا عن «الأصفر» الذي أعقب هدنة غزة 2025؟ ويعكس أوضاعاً غاية في الصعوبة، أخذت تتكشف منذ سريان إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ويخشى الفلسطينيون أن يصبح قدراً نافذاً حتى بعد المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية، الناظمة للاتفاق، الذي أخذت تنخره الخروقات الإسرائيلية شبه اليومية.
وبات «الخط الأصفر» يشكل ركناً فاحم السواد، في معادلة الحياة اليومية الغزية، ما ينذر بتلاشي آمال النازحين بالعودة إلى حياة ما قبل الحرب، ورغم أن لا مقاربات دقيقة عن مدة إقامة المنطقة العازلة، التي يرسم حدودها ذلك الأصفر الفاقع، فإن ما تكشف من معاناة يومية لأهل غزة، يؤشر بوضوح على أن المساحات والهوامش التي بإمكان المواطنين التنقل فيها، بدأت تضيق، إذ لم يعد هناك مفر من اختصار الطرق، وتجنب دخول المناطق الصفراء، التي تحولت في كثير من الأحيان إلى حمراء قانية، وأوقعت شهداء وجرحى جدداً.
وإذ يستعد الفلسطينيون في قطاع غزة لاستقبال المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية التي أفضت إلى وقف إطلاق النار، فإن المرحلة الأولى أفرزت مخاطر تولدت من رحم الحرب وتداعياتها، وأطبقت على المشهد، ما بين الإمعان في انتهاك وقف إطلاق النار، ونذر مطبات وعراقيل عدة، رافقت مهام حركة حماس في تسليم جثث المختطفين الإسرائيليين الأموات، وبين هذا وذاك، يسعى الوسطاء لإبقاء صواعق الحرب معطلة.
وتتعاظم مخاوف الغزيين في المنطقة العازلة، مما أسماه الكيان الإسرائيلي «الخط الأصفر» والذي قسم قطاع غزة إلى قسمين، فلا أحد من مزارعي غزة بإمكانه الوصول إلى أرضه لاستثمارها، ولا أحد يراوده مجرد التفكير بالعودة إلى منزله في تلك المنطقة، وإلا سيكون مصيره القتل، كما توعد وزير جيش الكيان يسرائيل كاتس.
وهكذا هو حال المواطن فارس الأسطل من خان يونس، الذي يمتلك أرضاً بمساحات واسعة، ويمنع من الوصول إليها، لكونها ملاصقة للشريط الحدودي شرق المدينة، ولا معلومات لديه عن مستقبله معها، بعد أن طالتها المنطقة العازلة.
ويشرح لـ «الشرق»: «نزحنا منذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي، حيث دمرت الطائرات الحربية منزلنا، ونقيم منذ نحو عامين في خيمة لم يبق منها سوى الاسم، وكنا نستعد للاستفادة من الأرض وخيراتها الموسمية الشتوية، بعد اتفاق وقف الحرب، لكن الخط الأصفر حال بيننا وبينها».
ويمضي: «الحرب أتت على كل شيء، كنا نعتاش من الأرض، ومنذ أكثر من عامين لم نتمكن من دخول أرضنا، ويبدو أننا سنظل نعتاش على المساعدات، وهي نادرة وشحيحة» معرباً عن خشيته من أن تقوم قوات الاحتلال بتوسيع المنطقة العازلة، لأن هذا معناه ضم مساحات من أرضه، كما يقول.
ويستشعر المزارعون في قطاع غزة، خطراً داهماً يتربص بمستقبلهم مع أراضيهم، في حال ظلت مساحات واسعة منها تحت سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً وقد وصلتهم الأخبار عن نوايا إسرائيلية، الإبقاء على منطقة عازلة، ستقضم أراضي من المدن والبلدات المحاذية، كخان يونس ورفح وجباليا وبيت لاهيا، كي تصبح من ملاك الخط الأصفر.



إقرأ المزيد